الزمان - الدراسات البلاغية والنقدية - ثالث ثانوي
الوحدة الأولى: دراسات بلاغية
الوحدة الثانية: دراسات نقدية
رابط الدرس الرقمي 5 الزمان www.ien.edu.sa تتحرك أحداث القصة عبر خطين متعامدين يحددان الحدث وهما الزمان والمكان، ويمكن أن تدور أحداث القصة في الماضي، بالعودة إليه والعيش فيه عبر الأحلام ،والذكريات، أو الحاضر حين يصفه القاص بدقة متناهية تحفظ له حرارته وواقعيته كما يمكن أن يكون زمن القصة هو المستقبل باستشرافه، وتصوير الحياة المتوقعة فيه وتحديد زمان القصة ومكانها يحقق مهمة ملاءمة الحوار والشخصيات والأحداث له مما يؤدي إلى تقريب أحداثها إلى نفوسنا وعقولنا، وإعطاء إحساس بأن ما يقرؤه القارئ هو الواقع أو صورة من صوره . ولذا تتجلى أهمية تحديد الزمان والمكان في الروايات التاريخية التي تصور مرحلة معينة من مراحل التاريخ من خلال أشخاصها والطبيعة التي عاشوا فيها . ويتميز عنصر الزمن في القصة بقدرته على نقل الأحداث والأشخاص من حال إلى حال، وإحداث تغييرات كبيرة في بيئة القصة، فإذا قال الكاتب مثلا : « وبعد عشرين عامًا عاد أحمد إلى مسقط رأسه، إلى قريته التي قاطعها كل تلك السنوات»، أمكن له بعد هذا التعبير الموجز أن يحدث تغييرًا كبيرًا في الشخصيات، وفي البيئة المكانية، فتتغير معالمها بفعل هذه الإمكانية التي أتاحها له عنصر الزمن في القصة . والزمن في القصة قسمان : 1 ـ الزمن الواقعي : حيث يُجْرِي القاص قصته في إطار زمني محدد، تحكمه قوانين الزمن الصارمة، وتتسلسل الحوادث فيه تبعًا لوجودها الزمني من نقطة البداية إلى نهاية القصة. فنمو شخصية من الشخصيات، وتحوُّلها من مرحلة عمرية إلى أخرى لا يمكن أن يحدث بين لحظة وأخرى . والزمن عنصر مهم من عناصر الواقع الذي يجب ملاحظته في رسم الشخصية، أو وصف البيئة، فإنَّ القاص يدرك أنَّ لكل زمان طبيعته وظروفه، وخصائصه التي يجب مراعاتها. 2 - الزمن النفسي : ونرى فيه جانبًا مغايرا تمامًا للزمن الواقعي، حيث تصبح اللحظة الواحدة بسبب الألم أو لهفة الانتظار شيئًا آخر لا يمكن أن يحسب بالدقائق أو الساعات أو الأيام أو الأشهر. ومثل ذلك لحظات التأمل والتذكر التي تتداعى فيها ذكريات سنوات متعددة في وقت وجيز. ويستطيع القاص أن يستثمر كلًا من النوعين السابقين للزمن، حيث نرى مثلًا أثر الزمن في تحول المدينة القديمة إلى أطلال وتغير ملامح وجه الأم وتعابيرها الدالة على تقدم عمرها، فلحركة الزمن أثرها البارز على الأفكار والأجساد معًا . اللغة العربية 177 ة التعليم Minis Education 2024 16
242 *** ٠٨٤ أما الزمن النفسي فنراه في المناجاة النفسية التي تكون بين الشخصية وبين نفسها حيث يستعرض الإنسان في دقائق سنوات متعددة من الماضي والمستقبل. وثمة اتجاهات فنية في القصة تقوم على أساس استحضار الزمن النفسي كما في قصص تيار الوعي من ( المونولوج الداخلي : أي الحوار والحديث مع النفس ) وقد برز هذا الاتجاه عند الكاتب الأيرلندي ( جمس جويس)، وتيار الوعي نمط أنماط الكتابة القصصية يقوم بالتركيز في وصف الحياة النفسية الداخلية لشخصيات القصة بطريقة تلقائية لا تخضع فيها لمنطق معين ولا لنظام تتابع خاص، والأساس في التخيلات والخواطر الكامنة في نفس الشخصية بصرف النظر عن ارتباطها بسرد القصة. هذا التيار هو 6- المكان هو أحد العناصر المهمة للقصة، وهو الميدان الذي تجري عليه ،أحداثها ويتطلب من القاص حسن اختيار المكان وإجادة استثمار محتوياته ومكوناته . والكاتب المبدع لا يكتفي من المكان بجعله ميدانا للأحداث، بل يتحول لديه إلى مصدر كبير يستقي منه شخصياته القصصية، وأحداث قصصه المختلفة، فقد يكون هو البطل الرئيس للقصة ، كما إذا صورت قصة من القصص مناسك الحج، وقد لاحظ عدد من النقاد بروز عنصر المكان في قصة ( سقيفة الصفا ) لحمزة بوقري التي صورت بيئة مكة المكرمة، ورواية ( الطيبون والقاع ) لعلي محمد حسون التي صلى الله صورت بيئة مدينة رسول الله . وتنبع أهمية المكان باستخدامه عنصرًا كاشفًا لمشاعر الشخصية القصصية وأحاسيسها، فالمكان الجميل والجو الجميل يبعثان على التفاؤل والمكان الضيق المتسخ الذي تنبع منه روائح كريهة يوحي بالحزن والضيق . وفي البلاد التي يكثر فيها الضباب ،والغيوم يمثل اليوم المشمس مجالا للانشراح والبهجة، والمكان الفخم الذي يسكنه بطل القصة يمثل بعدًا قصصيًّا لحالة الغنى والثراء التي يعيش فيها ذلك البطل، ويبدو عنصر المكان أيضًا بارزًا في القصص التي تصور صراع البحارة مع البحر، وما يلاقونه فيه من أهوال . وتعد رواية ( الشيخ والبحر ) لـ ( أرنست همنغواي ) من الروايات التي أجادت تصوير صراع الإنسان مع البحر، ومثل ذلك القصص التي تصور صراع البدوي مع الصحراء بوحشتها وخطورة الحياة فيها . ويفصح الكاتب عن مكان القصة وزمانها إفصاحًا مباشرًا، وقد يترك ذلك للأحداث، وبخاصة في تعيين زمان القصة من خلال وصف العادات والتقاليد، أو المظاهر الحضارية المختلفة، مثل أنواع الملابس وزارة التعليم Ministry of Education 2024-1446 أو المخترعات كالطائرات مثلا . 178
7 الحوار والحوار هو : تبادل الحديث في القصة، ويؤدي دورًا رئيسًا في تنمية الأحداث وتصعيدها، فمن خلال الحوار ينشأ حدث قصصي أو جملة أحداث، كما أننا نتعرف من خلاله أيضًا على سمات الشخصيات، وخصائصها التي تتميز بها، إذ إنَّ الحوار مظهر من مظاهر الشخصية تنعكس فيه كثير من الوظائف التي تجعله مهما في القصة. وتقوم لغة الحوار بنقل وقائع الأحداث، وتصوير الحياة بألوانها المتعددة، وعرض مشاعر الشخصيات القصة، فهي التي يتوصل بها الكاتب إلى تصوير ما يريد، ومن هنا كان لا بد أن تكون لغة القصة قادرة على أداء هذه المهمة بنجاح. في وتتميز اللغة القصصية بالسهولة والبساطة لأنها تحاول أن تقترب كثيرًا من واقع الحدث، ومن واقع القارئ أيضًا؛ ولذا فإنَّ المستوى اللغوي الذي تكون عليه لغة القصة أمر في غاية الأهمية، لكل من الكاتب والقارئ على السواء؛ فهو مُهم للكاتب لينقل من خلاله ما خلاله ما يريد، وللقارئ ليتواصل مع ويتأثر بمجريات أحداثها . القصة، واقعية الحوار لک لا خلاف بين كُتّاب القصة في استخدام اللغة العربية الفصحى في السرد والوصف داخل القصة، أمَّا الحوار فإنَّ عددًا من أولئك الكتاب يرى أنَّ من الممكن أن يكون بعض منه بالعامية، ويعتقد أنَّ ذلك يسهم في كون الحوار واقعيًّا ملائما لطبيعة الشخصية القصصية التي تنطق به . لكن التجربة العملية أكدت أنَّ اللغة العربية في مستواها المتوسط، البعيد عن الغرابة والغموض قادرة على التعبير الواقعي المناسب دون حاجة إلى اللهجة المحلية . ويمكن تحقيق لمسات الواقعية على الحوار في أسلوب العرض، فالإنسان حين يتحدث قد يعيد كلمة من الكلمات ، فيقول مثلا : - لقد حضر أمس راشد راشد بن أحمد زميلك في المدرسة. أو يؤكد أمرًا من الأمور، فيقول : - يوم السبت القادم أجل يوم السبت القادم سوف تبدأ الإجازة. أو يتوقف قبل أن يتم عبارته، فيقول : توقعت أ ن أنَّك .. ما علينا .. المهم الآن أنك وصلت بالسلامة . اللغة العربية 179 ة التعليم Minis Education 2024 6
242 *** ٠٨٤ على أنَّ إضفاء اللمسات الواقعية مثل تلك المواقف السابقة، يجب أن يكون في إطار ضيق جدًّا، جدا، حتى على ألسنة الناس، فميزة الأدب أنَّه يمثل مستوى إبداعيًا جماليًّا، يرتفع فيه عن اللغة اليومية المعتادة . لا يتحول النص الأدبي إلى نقل الي مباشر للغة الحياة اليومية، التي تدور ولكي يكون الحوار أيضًا واقعيًا فإنَّ عليه ألا يَجْرِي على وتيرة واحدة، بل إنَّ المتكلم يرفع صوته حينًا، ويخفضه حينًا آخر ، ويحتد في كلامه عندما يغضب، ويرق ويلطف إذا رضي، وهذا كله يدخل في خاصية مهمة في الأصوات، وهي ظاهرة نبرات الصوت . ولأنَّ القاص يتعذَرُ عليه أن ينقل نَبَرَات أصوات شخصياته، فإنَّ عليه أن يذكر ما يدل على شدة الصوت أو رخاوته قوته أو ضعفه إلى آخر ذلك من مستويات النبر. فعبارة مثل هذا السؤال : ( من أنت ؟ ) تُلقى بنبرة عالية شديدة في مثل الموقف الآتي: ( كانت مفاجأة له أن يجد ذلك الرجل الغريب في منزله فصرخ به : من أنت ؟ ) . فكلمة ( صرخ ) تنقل النبر المرتفع الذي قيل به ذلك السؤال . والعبارة السابقة ( من أنت ؟ ) يمكن أن تكون في موقف مغاير تمامًا لهذا الموقف كما في النص القصصي ( قرر أن يزور أحد أقاربه من أصدقاء والده . كان رجلًا مسنًا في العقد السابع من عمره، وحين ذهب إليه، وطرق باب منزله تناهى إلى سمعه صوت عرفه جيدًا، كان صوتًا واهنًا ضعيفًا يقول : من أنت ؟ ) . إن هذا التصوير للموقف العام الذي قيلت فيه هذه العبارة يجعل القارئ يعيش واقعية النبرة التي كانت عليه، وبخاصة حين وصف القاص ذلك الصوت بأنه صوت واهن ضعيف بل إنَّ كلمة صغيرة ككلمة ( نعم ) يتغير معناها بتغير النبرة الصوتية لها، ويستطيع القاص أن يصور الموقف الذي تلقى فيه حتى يسمع تلك النبرة نفسها من الشخصية القصصية، وإليك المثال الآتي : كان القارئ قال أحمد لصديقه : هل حجزت رحلة الدمام؟ قال له : نعم . فهذا الموقف لا يحتاج الإشارة إلى نبرة الصوت . ولكن الكلمة نفسها تحمل معنى التساؤل، ولا تغدو حرف جواب كما في الموقف الآتي : أن الباب قد عُلِّقت عليه لافتة كُتب عليها ( الدخول ممنوع لغير المختصين) إلا أن ومع الفضول دفع به إلى فتح ذلك الباب والدخول في الغرفة، حيث وجد أمامه مباشرة رئيس وزارة التعليم Ministry of Education 2024-1446 180
القسم الذي نظر إليه باستغراب ودهشة قائلا : نعم ؟! ( حاول أن ينقذ نفسه فقال في تردد : آسف يبدو أنني أخطأت، وعاد أدراجه خارجًا من الغرفة ) . والكلمة السابقة نفسها تحتاج من القاص إلى الإشارة إلى الموقف، ووصف طريقة الإلقاء للدلالة على استعمالها بمعنى الإنكار الشديد في مثل ما يأتي : قالت العاملة المنزلية لربة المنزل : إنني أشعر بالإرهاق والتعب فهل تمنحينني قليلا من الراحة لهذا اليوم؟ فردّت عليها بكل صلف وكبرياء ؛ نعم... نعم... ومن سيقوم بأعمال المنزل ؟! وهكذا نرى كيف يتسنّى للقاص أن ينقل الحوار بواقعية فنية تجعل القصة صورة صادقة لواقع الحياة. كما رأينا ما يؤديه الحوار من إمكانات في مجال تحريك الأحداث، ووصف الشخصيات . تدريبات 1 ـ ما الفرق بين الزمن الواقعي والزمن النفسي في القصة ؟ 2 ـ ما أهمية عنصر المكان في القصة؟ 3 ـ ما الدور الذي يؤديه الحوار في القصة ؟ 4 ـ اذكر نموذجًا تبدو فيه لمسات الواقعية في الحوار. 5 - كيف يستطيع القاص نقل مستوى نبرات أصوات شخصياته في القصة؟ اذكر مثالا على ذلك . 6 ـ ما موقف كتاب القصة العرب من استخدام العامية في بعض الحوار القصصي ؟ وما رأيك في ذلك ؟ اللغة العربية 181 ة العليم Minis Education 2024 6
182 وزارة التعليم 2024-1446 Ministry of Education أولا: الفكرة ... 786 LYLI VEL 914 SV SP P 00 00 das OS line المحتوى النقدي لمقاييس نقد القصة ج ٠٨ ثانيا: الحوادث مصادر الحوادث طريقة عرض الحوادث ثالثا: الشخصيات أنواعها من حيث الأهمية طريقة تصوير الشخصيات 1 - أسلوب ضمير المتكلم ۱- شخصيات رئيسة 2 - أسلوب ضمير الغائب ۲- شخصيات ثانوية 1 - طريقة الإخبار 2 - طريقة الكشف أنواع الحوادث 1 ـ الحوادث الرئيسة 1 - الواقع - 2 - الحوادث الثانوية 2 - التاريخ 3 ـ الخيال أنواعها من حيث النمو ۱ - شخصيات نامية ۲- شخصيات ثابتة سادسا : المكان سابعا: الحوار خامسًا: الزمان 1 - الواقعي أقسامها من حيث التركيب 1 - الحبكة المتماسكة 2_ الحبكة المفككة رابعا: الحبكة عناصرها: 1 - البداية 2 - الصراع أقسامها من حيث الشكل 3 - العقدة 2 - النفسي والبناء ١- الحبكة المتوازنة ٢- الحبكة النازلة - الحبكة الصاعدة - الحبكة الناجحة في النهاية ٥- الحبكة المقلوبة 4 - الحل 5 - النهاية