قالت القبرة للرجل بعد أن صادها: ماذا تريد أن تصنع بي؟ فقال: أذبحك و آكلكِ، قالت له: و الله إني لا أسمن ولا أغني من جوع فاتركني وأنا أنصحك ثلاث نصائح، هي خير لك من أكلي، أقول لك الأولى وأنا على يدك، وأنصحك الثانية إذا هبطتُ على الشجرة، أما الثالثة فحين أحلق في الجو، فكر الصياد فيما قالته القبرة، ثم قال: موافق، هاتي ما عندكِ، فقالت وهي على يده: لا تأسفن على ما فات, فتركها تطير, ولما حطت على الشجرة قالت: لا تصدق المستحيل، ثم تابعت كلامها هازئة: أيها الصياد، لو ذبحتني لوجدت في حوصلتي جوهرة، وزنها مئة غرام، فلما سمع كلامها، عض على شفتيه، وندم على إطلاق سراحها، ولكنه قال متحسرًا: هاتي الثالثة، نظرت إليه القبرة، وقد أحست بما يعانيه من حسرة وألم، وقالت: وما ينفعك بالثالثة، ولم تُفِدْ من النصيحتين السابقتين؟ فقال لها: وكيف ذلك؟ قالت: ألم أقل لك:"لا تأسفن على ما فات"؟ وقد أسفت على إطلاقي، وقلت لك:"لا تصدق المستحيل”، و قد صدقت أن في حوصلتي جوهرة وزنها مئة غرام.
والله لو وزنتَ عظامي ولحمي وريشي، لم يبلغ كل ذلك مئة غرام، فكيف صدقت مستحيلا؟ وهنا أطلقت القبرة جناحيها للريح، وطارت تاركة الرجل في ندم وحسرة.