تعتبر مشكلة عمالة الأطفال من المشكلات التي شغلت العالم بأسره، فهي ليست مشكلة محلية أو إقليمية أو دولية، بل هي مشكلة عالمية تؤرق كل المنظمات والحكومات على مستوى العالم، وتوضح تباين المشكلة باختلاف الدول، ويسعى بعض الأهالي إلى إرسال أطفالهم للعمل، وذلك لتعويدهم على العمل منذ نعومة أظافرهم، إلا أن هذا الأمر يحمل خطورة كبيرة؛ حيث يحرم الأطفال من الاستمتاع بطفولتهم ويعتبرون أطفال شوارع، وبعض الأهالي أصبح تقليدا لديهم أن يعمل أطفالهم، وما زاد الطين بلة أن هذه الفئة أصبحت تطمع في منتجات باهظة الثمن.
وتترك ظاهرة تشغيل الأطفال آثارا سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص، ولقد أخذ هذا الاستغلال أشكالا عديدة، أهمها تشغيل الأطفال وتسخيرهم في أعمال غير مؤهلين جسديا ونفسيا للقيام بها، علما بأن العديد من الاتفاقيات الدولية قد جرمت بدورها الاستغلال الاقتصادي للأطفال، ومنها (تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون مضراً أو أن يمثل إعاقة لتعلم الطفل أو أن يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي).
وإحصاءات عمالة الأطفال غير دقيقة لأن بعض الدول لا تعير هذه القضية اهتماما، ولكن تقدر منظمة العمل الدولية عدد الأطفال العاملين في العالم بنحو 250 مليون طفل في الفئة السن 5-14 سنة , 120 مليون منهم يعملون كل الوقت وأكثر من ثلثيهم حوالى 7.4% يعملون بالزراعة، وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة عالمية وهناك تباين بين الدولة في هذه النسبة لك للدول النامية النصيب الأكبر في هده النسبة لكن للدول النامية النصيب الأكبر في هذه الأزمة. كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت في عام 1989 اتفاقية حقوق الطفل التي عرفت الطفل بأنه كالإنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة من عمره، وأكدت على ضرورة السعي لحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطرا أو يمثل إعاقة لتعليمه أو ضررا بصحته أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي، وأوجبت على الدول الأطراف فيها اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل هذه الحماية، وبشكل خاص وضع حد أدنى لسن الالتحاق بالعمل ونظام ملائم لساعات العمل وظروفه وفرض عقوبات مناسبة لضمان فاعلية تطبيق هذه النصوص، وقد صادق الأردن على هذه الاتفاقية في أيار من عام 1991 إضافة إلى معظم الدول العربية والعديد من دول العالم.
كانت الجمعية العامة قد أقرت في نفس العام الإعلان العالمي لحقوق الطفل الذي كان قد تم إعداد مسودته في عام 1957، حيث نص الإعلان على "وجوب كفالة وقاية الطفل من ضروب الإهمال والقسوة والاستغلال، وأن لا يتعرض للإتجار به بأي وسيلة من الوسائل، وأن لا يتم استخدامه قبل بلوغ سن مناسب، وأن لا يسمح له بتولي حرفه أو عمل يضر بصحته أو يعرقل تعليمه أو يضر بنموه البدني أو العقلي أو الأخلاقي، ويتضمن موضوع عمل الأطفال في المواثيق والمعايير الدولية التفاصيل المبينة تاليا أدناه وخاصة اتفاقيات العمل الدولية المتعلقة بالحد الأدنى لسن العمل وأسوأ أشكال عمل الأطفال واتفاقية حقوق الطفل وإعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل بالإضافة إلى اتفاقيات العمل العربية الصادرة عن منظمة العمل العربية.
يوجد أربعة جوانب أساسية يتأثر بها الطفل الذي يستغل اقتصادياً بالعمل الذي يقوم به وهي: التطور والنمو الجسدي: تتأثر صحة الطفل من ناحية التناسق العضوي والقوة والبصر والسمع؛ وذلك نتيجة الجروح والكدمات الجسدية، والوقوع من أماكن مرتفعة، والخنق من الغازات السامة، وصعوبة التنفس، ونزف، وما إلى آخره من التأثيرات. التطور المعرفي: يتأثر التطور المعرفي للطفل الذي يترك المدرسة ويتوجه للعمل، فقدراته وتطوره العلمي يتأثر ويؤدي إلى انخفاض بقدراته على القراءة، والكتابة، والحساب، إضافة إلى أن إبداعه يقل. التطور العاطفي: يتأثر التطور العاطفي عند الطفل العامل، فيفقد احترامه لذاته وارتباطه الأسرى وتقبله للآخرين؛ وذلك جراء بعده عن الأسرة ونومه في مكان العمل وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو من قبل زملائه. التطور الاجتماعي والأخلاقي: يتأثر التطور الاجتماعي والأخلاقي للطفل الذي يعمل بما في ذلك الشعور بالانتماء للجماعة والقدرة على التعاون مع الآخرين، والقدرة على التمييز بين الصح والخطأ، كتمان ما يحصل له وأن يصبح الطفل كالعبد لدى صاحب العمل.
لقد تم منذ عدة سنوات إطلاق مبادرة عالمية للدفاع عن حقوق الطفل وبطلها هو طائر الدودو، هذه المبادرة تهدف لنشر الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في كافة أنحاء العالم، وبغض النظر عن العرق، والجنس، والدين، والمستوى الاجتماعي أو التوجه السياسي. ويشكل موقع " سايبردودو المدافع عن الحياة" [31] أداة تواصل عالمية تجمع حولها كافة المهتمين بالدفاع عن الحياة وحماية البيئة بالتعاون مع المنظمات الدولية المعتمدة كالمفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة والإنتربول الدولي.
لا بد من النظر بعين الاعتبار إلى أن عمالة الأطفال ليست بسبب اقتصادي، وإنما لوجود قضايا ثانوية أخرى، منها الطبقة الاجتماعية التي ينتمي لها الطفل، وفي بعض المجتمعات النامية دائمًا يقولون: إن الأطفال الفقراء لهم الحق أن يعملوا لأنهم فقراء، علما أنه لا يوجد أحد يعترف بحق هؤلاء الأطفال بالأجر المناسب للطاقة التي يبذلونها، عندما نتحدث عن عمالة الأطفال وعدد ونسبة الأطفال المعيينين ليست هي العامل الوحيد للنظر فيها، أنواع العمل التي تعطى للأطفال والظروف التي يتعرضون تؤدى إلى تنفيذها (إنجازاها) والمخاطر أو الاعتداءات التي يتعرضون لها أثناء العمل هو عامل آخر ذو أهمية قصوى، هناك نقص في البيانات بشأن هذا الجانب من الأشياء، الأمر الذي يجعل من الصعب تحديد الأطفال الذين يشاركون في العمل أو في ظل ظروف قد تكون ضارة على صحتهم وعلى أفكارهم أو على عواطفهم وتستهدف تدابير الحياة، فإن الإحصاءات الرسمية سيئة للغاية في هذا المجال، المعلومات الأخرى المتاحة من الدراسات والتقارير الرسمية فقط.