بين الريم والرمال علاقة أبعد من القرب الصوتي لاسميهما, فلغزلان الريم تكيفات مظهرية وسلوكية وفسيولوجية للعيش في البيئات الصحراوية والرملية تحديدا, وقد كانت ذات يوم واسعة الانتشار في الجزيرة العربية حتى انحصر وجودها في مجموعتين في شمال المملكة في مناطق أعلنت محميات فيما بعدهما, حرة الحرة والخنقة وبعض التسجيلات على الطرف الجنوبي الغربي للربع الخالي, أما توزيعها الجغرافي العالمي تاريخيا فيمتد من فلسطين والجزيرة العربية إلى شمال الصين, وقد أوضحت الدراسات الوراثية أن لذكور غزلان الريم صبغيات (كروموسومات) يتراوح عددها بين 31 و33 حسب الاختلافات الفردية, أما الإناث فيتراوح عدد كروموسوماتها ما بين 30 و31 كروموسوما, وهذه الظاهرة العجيبة قد ترجع إلى الاختلافات بين المجموعات الشمالية والجنوبية في الجزيرة العربية أو إلى اختلافات فردية, ورغم أنها لا ترقى إلى حد تصنيفها كنوع مختلف إلا أنها قد تكون ذات أبعاد مهمة من الناحية التكيفية على البيئات الصحراوية.
ولون غزلان الريم المائل للبياض مهم في عكس حرارة أشعة الشمس الحارقة في الصحراء, وللريم أظلاف عريضة للمشي على الرمال, ولكن قدرته في الصبر على الماء خرافية, فقد تمضي بعض الغزلان حياتها دون أن تشرب, وتكتفي بالحصول على الماء من النباتات التي تتغذى عليها ومن لعق الندى المتجمع على أجسامها في الفجر, والغزلان عموما متكيفة سلوكيا من خلال ممارسة نشاطها الرعوي عند الشفق والغسق وأحيانا في الليل, وهي الأوقات التي ترتفع بها معدلات الرطوبة في أوراق النباتات البرية ويتجمع الندى عليها, ورغم ميل غزلان الريم إلى التجمع فقد كانت قديما تتحرك في مجموعات تتراوح ما بين 10 و50 غزالا إلا أن هذا يحدث عند تحسن الغطاء النباتي, أما بعض الدراسات عليها في محمية عروق بني معارض فلم تسجل أكثر من سبعة غزلان في مجموعة واحدة، ومتوسط أعدادها في المجموعة يقل عن ثلاثة, وهذا تكيف ملائم مع ظروف المرعى الشحيحة في الصحراء, وعادة ما تتحرك الإناث والصغار في مجموعات, بينما تتحرك الذكور البالغة فرداى, وتكون مناطق ذات حدود معينة خاصة بها تدافع عنها بضراوة ضد أي ذكور بالغة دخيلة ولكنها ترحب بالإناث عند دخولها لمناطقها خلال دورتها النزوية, وتقوم بفحص الإناث المهيآت للتزاوج بشم الخلفية, وتستجيب الإناث لهذا الفحص بالتبول, وقتها تقوم الذكور بتذوق البول الذي تفرزه وفيه الهرمونات الأنثوية, فتتعرف على درجة استعداد الأنثى للتزاوج, وقد يستمر الغزل والتدافع ومحاولات الامتطاء لأكثر من أربعين دقيقة يمارس فيها الذكر عشرات المحاولات قبل أن تتوج بالمواقعة والتلقيح يفقد بعدها الذكر رغبته في الأنثى, وبعد فترة راحة بسيطة يبدأ بتفحص إناث أخريات أو الانشغال بطرد الذكور الدخيلة على المنطقة, ويلاحظ أن وجود دورة نزوية معينة خلال السنة يسهم في خفض الطاقة المصروفة على الجنس وتحديدها في مهمة حفظ النوع, كما أن تعليم حدود معينة لنطاق كل ذكر سائد يسهم كذلك في خفض الصراع بين الذكور البالغة للحصول على الإناث والغذاء, ويقوم الذكر عادة بوضع حدود وعلامات لتحديد نطاقه يستخدم فيها المعالم الطبيعية من النبات والأحجار التي يقوم بدرسها وتسويتها إضافة البول والروث وحفر الأرض.
ورغم أن ذكور غزلان الريم السائدة تمارس نشر بولها وروثها في كافة أرجاء منطقتها وليس في الحدود فقط كما تفعل غزلان الآدمي إلا أنها تتميز بوجود غدد محجرية تنتفخ تحت العينين خلال الدورة النزوية بشكل واضح, وتفرز مادة طلائية سوداء تستخدمها في تعليم حدودها وصبغ النباتات والأحجار بها, ويقوم الذكر باعتلاء تلة أو مكان مرتفع لمراقبة الحدود, واللافت في الأمر أن لدى الغزلان سلوكا يسمى الاستعراض السيادي, وهو استعراض للقوة ضد الخصوم قد تكفيه غالبا شر القتال, فمجرد أن يظهر قرنية القويين واستعداده للدفاع يتراجع الخصم, وأحيانا يقترب من الخصم مهيأ للقتال, لكنهما لا يشتبكان, ومهما بلغ الصراع من شدة على الحدود إلا أنه ينتهي بمجرد انسحاب الخصم من الحدود المرسومة للذكر السائد, وهو نظام يشبه حدود القبائل, ويسهم في خفض الطاقة المصروفة على الصراع بين الذكور السائدة, وكما أن للسيادة علاماتها وسلوكياتها الدالة عليها, فإن الخضوع كذلك له دلالاته المتميزة بخفض الرأس والانقياد والاستسلام.
والمدهش في هذا النظام الاجتماعي أن الذكر السائد يفقد سيادته حين يخرج من حدود منطقته ويدخل حدود منطقة ذكر آخر, وقد يحدث تنافس بين الذكور عند تأسيس المقاطعات يشتبكان فيه بالقرون لاختبار قوة كل منهما بالتدافع والتناطح, وهذا التنافس مهم كانتخاب طبيعي لإفراز الأقوياء الذين سيؤسسون مقاطعات يلحقون فيما بعد الإناث التي ستدخلها, ويستمر الحمل في إناث لريم حوالي خمسة أشهر, وتنتحي عند الوضع لتضع مولودها ثم تقوم بلعقه لتجفيفه وحمايته من التيارات الهوائية وإزالة أي اثر للدماء من على جسمه؛ لكي لا تجذب المفترسات إليه, واستكمالا لهذه المهمة الأموية في حماية الرضيع تقوم الأم بالتهام المشيمة وإزالة أي أثر للدم, ثم تترك الرضيع في مجثمه لعدم قدرته على الركض في المخاطر, وتتردد عليه بين وقت وآخر لإرضاعه.
ويسمى الرضيع عند الولادة: (الطلا) إلى عمر الأسبوعين ثم (الخشف) من 3 إلى 8 أسابيع، ثم (الشادن), والذي يعرف مع بروز القرون الصغيرة وعمره ما بين 3 و6 أشهر, وغذاؤه خليط بين الرضاعة والنباتات, ثم (الشصرة) أو (الجدية) أو (الظبية), وتكون في عامها الأول, وتدخل ضمن الإناث, وقد تحمل في هذا السن والذكر في هذا السن يسمى (الشصر) و(الجدي)، والجدي والظبي, أما الذكور البالغة فتسمى (الثني), وتتميز بكبر حجم قرونها التي تزيد على ضعفي طول الأذان, وتتميز بحلقاتها المحززة, كما تتميز ذكور غزلان الريم بانتفاخ يشبه الدراق عند منتصف الحلق, وقد أعيد إطلاق غزلان الريم في محمية عروق بني معارض عام 1995 من ثلاثة مواقع داخل المحمية على دفعتين قوامها 100 غزال أكثر من نصفها بقي في دائرة قطرها 20 كم من مواقع الإطلاق إلا أن بعضها ذهب بعيدا حتى 200 كم, وهي مزودة بأجهزة المتابعة عن بعد, وبالعلامات المميزة للمساعدة في المتابعات والدراسات الحلقية, ثم أعيد إطلاق دفعة ثانية عام 1996 م قوامها 104 غزلان ريم من مواقع نفسها, وقد تبين من الدراسات.