استخدمت البشرية منذ فجر التاريخ معادن كثيرة مثل الذهب والأحجار الكريمة في أغراض شتى إلا أنها لم تعرف من بين معادن الأرض معدنا أثر فيها بصورة مباشرة منذ فجر حياتها كما أثر فيها الملح الصخري, ورغم اكتشاف ما يقارب ألفي معدن تتفاوت فيما بينها النفع والجدوى فإن الملح الصخري ظل على حاله من النفع الكبير والأهمية القصوى في حياة الناس.
يتكون الملح الصخري من كلوريد الصوديوم, أما الكلور فإنه يدخل في تركيب حمض الهيدروكلوريك الذي تفرزه المعدة على الطعام فتحوله من مواد معقدة التركيب إلى مواد بسيطة, فيستطيع الجسم امتصاصها والاستفادة منها, وهذا ما يعرف بعملية الهضم, أما الصوديوم فإنه يلعب دورا رئيسيا في نقل إشارات أعصاب الحواس إلى المخ، ومن الجدير بالذكر أن جسم الإنسان البالغ يحوي مائة غرام تقريبا من الملح, ويفقد ربعها يوميا عن طريق العرق والبول، الأمر الذي يتطلب تعويض هذا النقص باستمرار وإلا تعرض لأمراض قد تؤدي إلى الوفاة.
من نعم الله أن الملح الصخري ليس من الثروات المعدنية النادرة, بل هو من الثروات المعدنية المتوفرة التي لا يسري عليها عامل النضوب مهما زادت كمية الاستهلاك, فالملح الصخري يدخل ضمن إطار يعرف بالمعادن المتجددة؛ لأنه يمكن الحصول عليه بصورة دائمة من مياه البحار والمحيطات, فالملح الصخري يشكل أكثر من 75 من مجموع الأملاح المذابة فيها, وللحصول على الأملاح من مياه البحار فإنه لابد من وجود بيئة بحرية مناسبة لترسيب الأملاح, ومن هذه البيئات الأحواض الملحية, وهي أحواض مجاورة لساحل البحر، ومن البيئات المناسبة أيضا البحيرات الشاطئية, إذ تقام فيهما ملاحات بحرية صناعية.