لو كانت الكرة الأرضية أصغر حجما مما هي لضعفت جاذبيتها ولأفلت الهواء من جوها و تبعثر في الفضاء و لتبخر الماء وتبدد ولأصبحت جرداء مثل القمر لا ماء ولا هواء ولا جو ولاستحالت الحياة، ولو كانت أكبر حجما مما هي لازدادت قوتها الجاذبة ولأصبحت الحركة على سطحها أكثر مشقة ولازداد وزن كل منا أضعافا ولأصبح جسده عبئا ثقيلا لا يمكن حمله.
ولو أنها دارت حول نفسها بسرعة أقل كسرعة القمر مثلا لاستطال النهار إلى 14 يوما والليل إلى 14 ليلة ولتقلب الجو من حر مهلك بطول أسبوعين إلى صقيع قاتل بطول أسبوعين، ولأصبحت الحياة مستحيلة، وبالمثل لو أن الأرض اقتربت في فلكها من الشمس مثل حال الزهرة لأهلكتنا الحرارة، ولو أنها ابتعدت في مدارها مثل زحل والمشتري لأهلكنا البرد، وأكثر من هذا فنحن نعلم أنها تدور بزاوية ميل قدرها 33 درجة، الأمر الذي تنشأ عنه المواسم وتنتج عنه صلاحية أكثر مناطق الأرض للزراعة والسكن، ولو كانت قشرة الأرض أكثر سُمكا لامتصت الأكسجين، ولما وجدنا حاجتنا من هذا الغاز الثمين، ولو كانت البحار أعمق لامتصت المياه الزائدة ثاني أكسيد الكربون، ولما وجد النبات كفايته ليعيش ويتنفس، ولو كان الغلاف الهوائي أقل كثافة لأحرقتنا النيازك والشهب المتساقطة بدلا من أن تُستهلك هذه الشهب وتتفتت في أثناء اختراقها للغلاف الهوائي الكثيف كما يحدث حاليا، ولو زادت نسبة الأكسجين عمّا هي عليه حاليا في الجو لازدادت القابلية للاحتراق ولتحوّلت الحرائق البسيطة إلى انفجارات هائلة، ولو انخفضت لاستحال نشاطنا إلى خمول.