قسم الكاتب الناس من حيث تعاملهم مع النعم والابتلاء إلى كم قسم كما ورد في الفقرة (1)؟
5
4
6
8
X
تسجيل الدخول بواسطة
شرح السؤال
الفقرة
الخدم
اقتضت مشيئته وحكمته سبحانه أن يجعل بعض عباده أغنياء وبعضهم فقراء، وسخر كلاً من الطائفتين للأخرى، هذه تنمي المال وتنفق منه على تلك، وتلك تقوم بالعمل مقابل ذلك الإنفاق، فالإنسان إما أن يكون (فقير قارع وفقير جاحد وغني قانع وغني جاحد) شاكرا أو صابرا أو داعيا أو راضيا بما قسمه الله له من النعم والابتلاء، والخدم نعمة من الله تعالى على المخدومين لتسهيل أمور دنياهم فيتحملون عنهم أعباء الأعمال وهمومها ليوفروا على مخدوميهم الراحة والسعادة والتخفيف من المتاعب والمشاق، يقول الشاعر: الناسُ للناسِ من بدوٍ وحاضرةٍ ... بعض لبعضٍ- وإن لم يشعروا- خدمُ فالناس بالناس حاضرة وبادية، كلهم لبعض خدم؛ ولذا نهج لنا الإسلام منهجا يضمن حقوق الخدم ماليا وأدبيا، كإطعامهم واحترامهم وإكرامهم ومساعدتهم عند الضرورة، والإسلام يوجه الأغنياء المخدومين إلى التواضع وعدم التكبر على الخادمين، ويجعل لهؤلاء حقوقا على أولئك، يجب عليهم أن يؤدوها بدون مماطلة ولا نقص، فالمخدوم ينبغي أن يتواضع مع خادمه ولا يترفع عليه؛ لأنه قد يكون أعظم درجة منه عند الله، وليس الفضل بكثرة الأموال ولا بعظم الأجسام، ولا بغير ذلك من متاع الدنيا وزينتها ومظاهرها، وإنما الفضل بالتقوى.
وتتجلى عظمة الحضارة الإسلامية في معاملة الخدم والعمال حين نرى امتداد رحمته بخدمه لتشمل غير المؤمنين به أصلا، وهذه بعض حقوق الخدم والعمال التي أصلها الإسلام الحنيف، والتي طبقها رسول الإسلام الكريم بالقول والعمل في زمن لم يكن يعرف غير الظلم والقهر والاستبداد لتعبر بصدق عما وصلت إليه حضارة الإسلام والمسلمين من سمو وعظمة وإنسانية، وهذا ما ينبغي أن نشير إليه مراعاة الكتاب والمرشدين لقضية سوء معاملة الخدم والاجراء والتحديث عنهم لأن المشكلة صارت كبيرة للغاية وبعيدة كل البعد عن الدين والإنسانية.
وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة خب ولا بخيل ولاسيئ الملكة". قال عبد االله بن عمر رضي االله عنه جاء رجل إلى النبي صلى االله عليه وسلم، فقال: يا رسول االله، كم تعفو عن الخادم؟ فصمت، فأعاد عليه الكلام فصمت، فلما كان في الثالثة قال:" في كل يوم سبعين مرة "، هذه مبالغة في الإحسان إليهم، وإنهم وأن أساءوا- فإذا أساءوا وعاقب- فلايزيد في العقاب. (إن أَكَرَمُكْمِ عند الله أَتْقَاُكْم) ولقد ضرب الرسول- صلى الله عليه وسلم- المثل الأعلى في معاملة الخادم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال لي أف قط، ولا قال: لشيء لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا"، والرسول صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لأمته، وأنت إذا لم تستطع أن تصل إلى درجة الكمال التي بلغها صلى الله عليه وسلم فلتسدد ولتقارب، وقال صلى الله عليه وسلم: "من يلائمكم من خدمكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون، ومن لا يلائمكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله"، وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على خدمكم ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجاب لكم"، وقال صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله لقمة أو لقمتين أو أكلة أو أكلتين، فإنه ولي حره وعلاجه"، وبلغ من رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يطيق أحدا أن يقول: كان عبدي وأمتي، وأنه أمر المسلمين أن يكفوا عن ذلك، وأن يقولوا: فتاي وفتاتي.
وإنسانية الإسلام تتجلى في تنظيم العلاقة بين الخادم والمخدوم على وجه كريم، فعلى كل منهما واجبات تجاه الآخر، ومقابل هذا الواجب يحصل المخدوم أو الخادم على حقه ومن أبرز حقوق المخدوم التي يغفل عنها كثير من الناس ولا يتحدثون عنها فعلى الخادم أن لا يكون عاملا محاقا لصاحبه أمينا على سر مخدومة، وأن يعمل لديه بأمانة وإخلاص، ويؤدي واجباته من دون أن يسرق مالا، أو يهدر طعاما متعمدا، أو يتلف –على سبيل القصد- شيئا من ممتلكات أو مقتنيات مخدومة، وهو في مقابل عمله الأمين المخلص له حقوق لا يجوز بأي حال إهدارها أو المساس بها وهنا يجب أن يحذر كل مسلم المساس بأجر الخادم، فهو مطالب بإعطائه أجرته كاملة حسبما تم الاتفاق عليه وزيادة، وحرمان العامل أو الخادم من أجرته أو بعضها منكر عظيم حذرنا منه الإسلام، ولا يفعل ذلك إنسان لا أخلاق له، يقول رسولنا صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر –ولا يقعل ذلك إلا إنسان لا خلاق له-، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره"، كما أن تأخير أجرته داخل فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "مطل الغني ظلم".