1. ميز بعض علماء النفس بين الحياة الوجدانية والحياة الانفعالية أما الوجدانية فهي مجموع الحالات الانفعالية كالرغبة والألم والفرح والحزن وأما الفاعلية فتأتي في صورتين هما الآلية والفعل الارادي والأولى هي كل فعل يتصف بالتلقائية على حين انا كل فعل واع أي : مدرك بالعقل يسمى الفعل الارادي.
2. يقوم الوجدان احيانا بوظيفة المنشط والمساعد على تحقيق الفعل الارادي ، وذلك حينما نميل الى ما هو مستحب عندنا او مقبول ، فتعمل على تحقيقه ونهرب من العكس . ومن ثم تدخل الاحاسيس في طيات الفعل الارادي الى جانب الادراك والوعي . ويعمل المزاج الانفعالي الجيد وقوة الاحساس على سرعة الاستجابة الارادية ودقتها واذا كانت هذه القوة النفسية في حالة غير جيدة فإننا سنفقد الفعل الارادي حتما . وينبغي أن نشير إلى أن كلمة الوجدان لا تستخدم الا في سياق الحديث عن الحياة النفسية الراقية .
3. ويرى بعض العلماء أن الارادة تقترن بالجهد وهنا يكمن ان نسأل عن حال الفعل الصادر عن العادة وبخاصة الفعل الذي ينفذ من غير جهد ومن غير انتباه اهو فعل ارادي أم غير ارادي؟
يمكن في واقع الأمر أن نميز بين نوعين من العادة احدهما العادة التي تتسم بالسلبية ومناقضة الارادة وتتصف بالخمول والضعف ويذعن لها بعض الناس وهي ليست بغريبة عن الارادة التي كثيرا ما تعمل على مواجهتها: لإيقاف ممارستها ، أو لإضعافها.
4. والنوع الآخر، عادة غير ارادية ولكنها مفيدة ترقى بسلوك الانسان وتجعله أكثر انتاجية بمعنى ان يقوم بجهد منظم يؤدى الى الانجاز في وقت قصير وذلك كالنجار وعامل البناء والكاتب واذا حللنا اساس هذا النوع من العادة: وجدناه فعلا اراديا حصل تعلمه بعد جهد ثم اصبح مع الزمن فعلا اليا اطلقنا عليه اسم العادة فحسب، والأحرى بنا أن نضيف الارادة إلى اسم هذا النوع لتكن صفه له.
5. والبنية النفسية للفعل الارادي شديدة التعقيد، وقد بسطها قدماء النفسيين بقولهم: أنها تتركب من: تصور الهدف وهو ما سمي حضور الفعل قبل تنفيذه يليها الحوار الذاتي سعيا الى وزن الأمور للتمييز بين (الضد) و غير (الضد) ، وتدخل هنا البواعث والعلل ، أي العوامل الثقافية والاجتماعية وطبيعة ذهن الفرد إلى جانب العوامل الوجدانية اما المرحلة التالية فتتمثل في القرار الذي يعقبه التنفيذ العملي ، أي: ترجمة القرار إلى الفعل .
6. وعن تربية الارادة نقول بإيجاز تتضافر مجموعة عوامل التربية الارادة منها ما يتعلق بالصحة العامة للإنسان ومنها عناصر النظام التربوي التي تقوى الثقة بالنفس وتزرع نزعة المبادرة والتفكير على نحو منطقي والقدرة على تحديد الهدف مع الرؤية الشمولية لمعطيات الحالة ومنها المحيط الاجتماعي السليم الذي يسعي لتنمية المشاعر السامية والحفاظ على الحماسة لمواجهة التردد والشك وتنمية الاستعداد الوجداني والذهني للعمل بروح فريق.
7. وكلما ازدادت العادات الارادية عند الانسان في مجال ما ازدادت قدرته على سرعة تحقيق أرادات اخرى تنتمي إلى المجال نفس فالذي اعتاد ان يضحي بالعاطفة امام العقل والواجب بلا تردد: فإنه يتغلب تلقائيا على الصعوبات التي تواجهه بسبب الصرع بينهما أما علاقة الارادة بالوراثة فحديث ذو شجون لا يستوعبها المقام.