1- إن النظام البيئي الأرضي حتى عهد قريب، متوازنًا إلى درجة تقترب من الكمال، زاخرًا بعناصره الحية وغير الحية بأعداد وكميات ثابتة ومستقرة، رغم الديناميكية والحركة الدائبة التي يتسم بها هذا النظام البديع. إلا أن الحال المستقر للنظام البيئي لم يدم؛ بسبب تفجر الثورة الصناعية في مطالع القرن التاسع عشر الميلادي ثم ازدهارها في القرن العشرين، وما انطوت عليه هذه الثورة من إنتاج صناعي وتجاري كثيف، مصوبًا بانفجار سكاني مذهل واستهلاك متزايد وغير مسبوق للموارد وأهمها موارد الطاقة، علاة على ما يقابل الاستهلاك المتزايد من نواتج ومخلفات مرفوضة.
2- ولم يغادر القرن العشرين دنيا الوجود إلا وقد حدث في النظام البيئي الأرضي اختلال واضح ينذر بعواقب وخيمة وانحدار لمنحنى صلاحية الأرض للحياة في المستقبل. وتبدو ضريبة الثورة الصناعية ماثلة للعيان في المشكلات البيئية العالمين اليوم وعلى رأسها: التثول والتصحر والجفاف وانحسار الغطاء النباتي والاحتباس الحراري والتسرب النووي وخطره الإشعاعي، وانقراض بعض الأحياء التي تلعب دورًا مهما في النظم البيئية المختلفة، وسواها من المشكلات البيئية المعاصرة، هذا بالإضافة إلى الظواهر الطبيعية صاحبة الدور السابق والقائم في تدهور البيئة كالأعاصير والزلازل والفيضانات والسيول.
3- ويقف العالم اليوم، وقد ولج من بوابة القرن الحادي والعشرين، على أعتاب حقبة تاريخية مجهولة فيما يتعلق بمستقبل البيئة وصلاحية الأرض للحياة. فالمشكلات البيئية تتزايد وتنذر بعواقب وخيمة، لكنها تتزامن مع نداءات ودعوات ومؤتمرات وندوات وجميعات وقررارات بيئية تنم عن وعي إنساني عالمي بالخطر الجاثم لتدارك الأمر قبل تفاقمه.